على الرغم من أن الموسيقيين السوريين أمين خاير وماهر القاضي لا يتحدثان نفس لغة صديقهما الموسيقي الألماني ثوربن بيكن فإن شغف الثلاثة بالموسيقى وموهبتهم جعلاهم يجتمعون معا على أرضية مشتركة قوية.
وأصبح الثلاثة الذين شكلوا فرقة (شكون) الغنائية يجوبون العالم الآن لإحياء حفلات بينها حفلان في لبنان بيعت تذاكرهما بالكامل.
وقدم الموسيقيون الثلاثة لجمهورهم اللبناني مزيجا من الموسيقى الإلكترونية العربية والغربية، وارتجلوا في الغالب على المسرح مباشرة وأبهروا الجمهور بموسيقى تقليدية أعادوا توزيعها.
ويرى خاير (29 عاما) أن رسالته تتجاوز مجرد كونه مجرد لاجئ.
وقال أمين خاير "بالبداية المشروع بلش (بدأ)، بلشت معها رسالة إنه أنا ما اني فقط لاجئ أو ما اني لاجئ. كل أغنية اتغنت من فولكلور أو غيره هي عبارة عن كريات برأسي، أحداث مرت معي بيوم، صديق فقدته لي، بيت نزل، عم مات، خال مرض، هيك صارت القصة".
وفر خاير من الصراع في سوريا إلى تركيا المجاورة في 2015 على أمل أن يجد مكانا يتيح له استكمال دراسته الجامعية في مجال الهندسة البحرية.
وخاض غمار الرحلة المحفوفة المخاطر في قارب متهالك إلى أوروبا بحثا عن ملجأ، وكان متجها إلى السويد. وعندما مر بهامبورغ في ألمانيا انبهر بالميناء فقرر البقاء. وعلى الرغم من أنه كان معتادا للعزف على البيانو والطبول منذ صغره فأن رغبته في إطلاق مشروع موسيقي لم تبزغ إلا بعد أن قابل صديقه الألماني بيكن.
وكلاجئ في هامبورغ حيث لا يتحدث العربية والإنكليزية سوى عدد قليل من الناس، وجد خاير نفسه يساعد العاملين في المجال الإنساني هناك حيث قابل رفيقه بيكن الذي دعاه للانتقال وعدم الإقامة في مخيم للاجئين.
ويتذكر بيكن (28 عاما) لقاءه وأصدقاءه مع خاير فيقول "شخص ما شرع في عزف الموسيقى، وبدأت صديقي في عزف الغيتار، كان الجميع يقدمون القليل. وقال أحدهم: ‘أمين ..أيمكنك الغناء؟‘. وكان مثل نعم أنا لا أغني بقوة لكن كلنا وبدلا من ذلك بدأ يغني لنا. وقف وأدى موالا كاملا. وعندها صحت بصرخة قوية مؤكدا موافقتي وقلت أمين دعونا نفعل شيئا معا".
وكوّن الشابان السوري والألماني الفرقة في ديسمبر/كانون الأول 2015.
وأحيوا أول حفل لهم في مهرجان فيوجن بألمانيا، وهي خطوة رئيسية للموسيقيين اللذين كانا آنذاك من الهواة.
وقرب نهاية عام 2016، كان من المقرر أن يحيي خاير وبيكن حفلا في نفس المهرجان وكذلك كان ماهر القاضي. وعندما أنهى القاضي حفله دعاه خاير وبيكن لأن يرتجل معهما مباشرة على المسرح. ومنذ ذلك الحين انضم عازف الكمان السوري ماهر القاضي إلى شكون في مشوار "مجنون" على حد وصفه.
وقال القاضي (26 عاما) "مشواري مع شكون كان مجنون، الحياة سارعت كتير بسرعة، رغم إنه عم نعمل الشي اللي بدنا إياه والشي اللي بنحبه، وظلينا عم نوصل للعالم بسرعة أكبر وأكبر وقاعدة الجمهور كبرت وكانت عم تكبر أكثر وأكتر يوم عن يوم".
ووجد القاضي شغفه في شكون من خلال بث الروح في ألحان وأغان قديمة لا يزال يتردد صداها مع الناس حتى الآن.
وقال "أنا برأيي إنه أهمية إعادة إحياء أغاني صار لها آلاف السنين مكتوبة هو إثبات إنه الموسيقى ما لها أي زمان أو أي مكان، ألحان وكلمات انكتبت من آلاف السنين بعدها لهلق (للآن) عم تشتغل وعم توصل للعالم وعم توصل مشاعر، عم توصل للعالم نفس الأحاسيس، عم توصل للعالم نفس الطاقة، فأنا بأشوف هاد شغفي مع شكون كمان".
ورأى القاضي والديه، اللذين يعيشان في دمشق، لأول مرة منذ سنوات عندما حضر إلى لبنان لإحياء الحفل.
وأحيت فرقة شكون حتى الآن حفلات في العديد من المدن الألمانية إضافة إلى فرنسا والدنمارك وهولندا ولبنان والأردن. ولم يستطع الموسيقيان السوريان في الفرقة الانضمام إلى بيكن لإحياء حفلات في بعض الدول بسبب مشكلات خاصة بتأشيرات الدخول.
وعبّر الجمهور اللبناني عن سعادته البالغة بحفل شكون. وقالت امرأة تدعى جويا "الموسيقى تبعهن بتسطل، كتير حلوة، لها خصوصية كبيرة هيك، شرقية، عميقة الجذور كتير حلو، كان بيسطل اللحن عن جد".
ولا تزال هناك عقبات أمام حلم خاير في الذهاب إلى "كل مكان على كوكب الأرض" كما يقول. كما أنه يعتزم تحقيق حلمه الأصلي في أن يصبح مهندسا بحريا، ويتمنى أن يحيي حفلا في سوريا يوما ما.
إضافة تعقيب